تسعى موريتانيا لأن تصبح إحدى الدول المنتجة لليورانيوم خلال السنوات القادمة، بفضل الاحتياطيات التي اكتشفتها الشركة الأسترالية “أورا إنرجي” (Aura Energy) مؤخراً في ولاية تيريس زمور شمال البلاد.
مؤخرا، وقعت شركة Tiris Resources ، وهي شركة موريتانية تابعة للمجموعة الأسترالية، اتفاقيات نموذجية قياسية مع الحكومة الموريتانية، من أجل بدء عمليات استغلال الاحتياطيات المكتشفة من اليورانيوم، في مشروع “تيرس”.
في هذا الإطار أجرت منصة “طاقة” مقابلة مع مؤسس شركة Tiris Resources ، الممثل الإقليمي لشركة Aura Energy ، السيد سيد أحمد محمد لمين.
السيد سيد أحمد هو خبير ومستشار، يمتلك أكثر من 20 عامًا من الخبرة في قطاع التعدين في موريتانيا وفي شبه المنطقة.
نص المقابة:
طاقة: ماذا يعني التوقيع الأخير على اتفاقيات مالية وقانونية مع الحكومة الموريتانية لتطوير المشروع؟
نتحدث هنا عن توقيع اتفاقيات قياسية لاستغلال منجم اليورانيوم، وهذه الاتفاقيات هي الخطوة الممهدة للبدء عمليا في تطوير المشروع الذي يشمل احتياطيات معتبرة من اليورانيوم والفاناديوم (وهما من العناصر المشعة) وسيكون أول عملية من نوعها في موريتانيا.
توقيع هذه الاتفاقيات خطوة مهمة، وقد تمت بعد مفاوضات مع الوكالة الوطنية للبحوث الجيولوجية والأملاك المعدنية (ANARPAM)، التي هي الوكالة المكلفة بتسيير حصة الدولة الموريتانية في المنجم، والتي تصل 15%.
لذا، فإن توقيع هذه الاتفاقية يمثل نوعًا من التأكيد، والذي يضمن بدقة العلاقة بين Tirs Ressources كشركة والدولة الموريتانية. بشكل عام، تحافظ هذه الاتفاقية على حقوق كل من الشركة والدولة الموريتانية لفترة طويلة.
هذه هي الاتفاقية النهائية، وهي آخر اتفاقية يتم توقيعها قبل إطلاق أنشطة الاستغلال، ولذلك فإن الكرة حاليا في ملعبنا.
لكن بالفعل ما زلنا بحاجة إلى بعض الرخص، مثل رخصة التصدير وغيرها، والتي يجب أن تصدرها عادةً هيئة الحماية من الإشعاع والسلامة النووية (ARSN). وبناءً على ذلك، فإننا نعمل في تعاون وثيق مع هذه السلطة ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
طاقة: ما هي الخطوات التالية الممهدة للبدء الفعلي في استغلال مشروع “تيرس لليورانيوم”؟
في الوقت الحالي، نستعد لاجتماع مجلس الإدارة الأول، في نهاية شهر مارس، ومن المقرر أن يتخذ هذا الاجتماع قرارًا بشأن بدء العمل حشد التمويلات اللازمة للاستثمار في المشروع، والتي تقدر بأكثر من 100 مليون دولار.
وقبل نهاية هذا العام الجاري، سنبدأ الأعمال الميدانية، وتحديداً إنشاء المخيم وتأمين مصادر المياه وغير ذلك من التجهيزات الضرورية لإطلاق استغلال المشروع.
ويتوقع أن تستغرق هذه الأنشطة 18 شهرًا، لتكون هذه المنشآت جاهزة قبل نهاية عام 2024 أو بداية عام 2025، وهو الموعد المقرر لبدء تصدير الإنتاج.
طاقة: ما هو تصنيفكم لمشروع “تيرس” لليورانيوم على المستويين الإقليمي والدولي، من حيث الاحتياطيات والقدرة الإنتاجية؟
يحتوي مشروع “تيرس” الآن على حوالي 65 مليون رطل من اليورانيوم و18 مليون رطل من الفاناديوم، وهي احتياطيات كبيرة وتتميز بالتركيز العالي جدًا، خصوصا احتياطيات اليورانيوم، تصل ما بين 350 و450 جزءً في المليون.
وبعد إجراء عمليات التخصيب سترتفع نسبة التركيز لتتضاعف حوالي سبع مرات، لتصل في نهاية إلى ما بين 2700 و2800 جزءً في المليون.
ونأمل أن يبدأ الإنتاج بكميات تصل 800 ألف إلى مليون رطل سنويا، على أن يترفع مستوى الإنتاج خلال 3 سنوات إلى 3.5 مليون رطل سنويا. وبناء على الآفاق الواعدة للمشروع، نتوقع أن تصبح موريتانيا رابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم.
طاقة: هل تم حتى الآن اتخاذ قرار بشأن نقل وتصدير الإنتاج؟
نعم بالتأكيد، كما تعملون يقع المشروع على بعد 650 كم من مدينة الزويرات عاصمة ولاية تيرس زمور، لذلك سيتعين علينا نقل البراميل التي تحتوي على الإنتاج بالشاحنة إلى مستودع بالقرب من المدينة.
سابقا كنا نعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق مع الشركة الوطنية لصناعة والمناجم (سنيم)، لتأمين النقل عبر السكة الحديدية باتجاه ميناء نواذيبو، لكننا لم نتوصل إلى اتفاق حتى الآن مع شريكة “سنيم” بهذا الخصوص، وذلك فإن لدينا خيار واحد وهو نقل الإنتاج عبر الشاحنات وتصديره إما عبر ميناء الصداقة في نواكشوط أو عبر ميناء تانيت قرب العاصمة.
صحيح أن هذا الخيار الأخير سيجعل مكونة النقل هي الأغلى في المشروع، لكنه سيظل مربحا رغم ذلك.
طاقة: هل اتخذتم تدابير لحماية البيئة من الآثار المحتملة لأنشطة استغلال اليورانيوم؟
أولا، نحن نعمل على إنتاج خام اليورانيوم، وهذا يعني أن أكسيد اليورانيوم سيكون في حالته الطبيعية، وذلك لضمان عدم وجود تأثيرات جانبية على النطاق البيئي.
أيضا نحن نعمل في هذا المشروع منذ ما يقرب من 12 عامًا، دون حصول أية حوادث متعلقة بالأضرار الجانبية لمعدن اليورانيوم إلى الإبلاغ عن أي حادث.
بالإضافة إلى ذلك هناك مقاييس إلكترونية لقياس الإشعاع؛ كل شخص يعمل على الموقع لديه مقياس الجرعات الخاص به؛ الموظفون والعمال من مهندسين وفنيين وغيرهم…، ولم تسجل هذه الأجهزة أية إشعاع حتى الآن.
لدينا نظام شهري لجمع البيانات من المقاييس الإلكترونية لدراساتها وفحصها لدى سلطة مكافحة الإشعاع النووي، ونحصل دائمًا على نتائج سلبية لهذه البيانات.
من ناحية أخرى، يقع موقع المشروع في منطقة قاحلة، على بعد 450 كم من مدينة بير أم اكرين، وهي أقرب مدينة في المنطقة، ولذا فإنه مهما كانت الظروف، لن يكون هناك تأثير على على السكان.
على المستوى البيئي، نأخذ في الاعتبار ضرورة إعادة تأهيل الموقع واستصلاحه بعد اكتمال عمليات الاستغلال، وذلك من أجل الحفاظ على السلامة للبيئية للمنطقة.
أشغال هذا المشروع تتميز بكونها لا تشمل أي تفجير أو تكسير للصخور أو حفر عميق في باطن الأرض، بل إنها عملية بسيطة بعمق 8 أمتار كحد أقصى، ستتم عن طريق استخراج المعدن الخام لاستخراج نسبة 14% منه وإعادة 86% المتبقية إلى مكانها لإعادة تأهيل واستصلاح الموقع.
بالإضافة إلى ذلك، لدينا مشروع لإعادة تشجير منطقة المشروع بعد اكتمال عمليات الاستغلال، من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة، ذلك أننا نهتم كثيرا بصحة الحيوانات والنباتات، وفي هذا الإطار بالتحديد نعمل مع المعهد الموريتاني للبحث العلمي (IMRS) للحفاظ على هذا الجانب من النظام البيئي.
في نفس السياق، نحن في شراكة مع الأستراليين الذين لديهم خبرة غنية في هذا المجال، حيث توجد مناجم لليورانيوم بالقرب من عدة مناطق مأهولة بالسكان، دون تسجيل أية أضرار صحية على سكان تلك المدن.
طاقة: هل تعتقد أن النسبة الممنوحة للدولة في المشروع كانت مقبولة مقارنة بالسياق الإقليمي والدولي في هذا المجال؟
فيما يتعلق بأي عملية استغلال للمعادن في موريتانيا، فإن قانون التعدين يفرض فقط 10% من المشروع مجانا للدولة الموريتانية، بالإضافة إلى 10% يمكن للدولة أن تستثمرها في المشروع، لكن بالنسبة لمشروع “تيرس” لليورانيوم فإننا وافقنا على منح 15% مجانا للدولة الموريتانية، لتأكيد التزامنا بحسن الشراكة، كما أننا قررنا أيضا منح 2% من أرباح الشركة للسكان المحليين الذين يعيشون في المنطقة الأقرب لموقع المشروع.
كما أود أن أضيف هنا أننا قمنا بالفعل بالعديد من الأعمال والأنشطة الإنسانية والمساعدات لصالح هؤلاء السكان الموجودين في القرى الأقرب للمشروع، وذلك حتى قبل بدء عمليات الإنتاج.
طاقة: ما هو حجم فرص العمل التي تتوقعون أن يوفرها مشروع “تيرس” لليورانيوم لصالح الموريتانيين؟
لدينا طاقم بشري مكون بدرجة عالية ومن بينهم من يمتلك أكثر من 40 عامًا من الخبرة في قطاع اليورانيوم، مثل مدير المشروع، وهو أسترالي يمتلك خبرة غنية وعميقة في ثلاثة مشاريع مختلفة لليورانيوم؛ في أستراليا وكندا وكازاخستان، وأثناء إدارته لهذه المشاريع الثلاثة، وضع نظامًا ناجحا لتوطين الوظائف.
وبخصوص هذا المشروع فإن لدينا خطة عملية صارمة في مجال مرتنة الوظائف؛ سنختار بعض المهندسين والفنيين قبل إطلاق المشروع بثلاثة أشهر، ليتم تكوينهم وتدريبهم بشكل كاف من أجل أن يبدأ تشغيل المشروع بفريق يضم حوالي 90% من الموريتانيين من أصل العمال الذي يتراوح عددهم بين 100 و150 شخصا.
طاقة: هل تعتقد أنه سيتم اكتشاف احتياطيات جديدة من اليورانيوم في المناطق الواقعة بالقرب من موقع مشروع “تيرس”؟
“أورا أنيرجي” هي مجموعة مكونة من عدة شركات، منها أربع شركات متخصصة في اليورانيوم تعمل في المنطقة المحاذية لمشروع “تيرس” في ولاية تيرس زمور شمال موريتانيا.
ويأتي إنشاء هذه شركات للتنقيب في هذه المنطقة نظرا لأن المؤشرات تؤكد توفر مصادر اليورانيوم في مناطق مختلفة من المنطقة في حين أن عدد التراخيص المسموح بها لشركة واحدة محدود، وذلك فقد قررنا إنشاء عدة شركات لتأمين التنقيب في كافة المناطق المستهدفة.
ونحن واثقون أنه ستكون هناك اكتشافات مهمة مع توسيع عمليات التنقيب في المناطق المحيطة بالمشروع، ذلك أننا خلال العام الماضي من تكثيف عمليات التنقيب في منطقة المشروع وهو ما سمح لنا بزيادة الاحتياطيات بنسبة 20%.
هذا كله يمنحنا مزيدا من الثقة ويدفعنا نحو مزيد من التنقيب في مختلف المناطق المحيطة بالمشروع ربما سيكون على مسافة 30 كم أو 40 كم أو 60 كم.